مظاهر خادعة...




بسم الله الرحمن الرحيم
كانَ قادما مِن هُناك، بَعد فراق دام سَنتين، أَصر علي أن أكون أول من يَستقبله، من شِدة حمَاستي، تَوترت، أول مَرة أذهب إلى ذلك الملتقى، أستقل القطار أم سيارة الأجرى أم ماذا؟ أسْئلة كثيرة حيرتني، فكرت في الإنسِحاب، فقدْ أُصبح عائقا لاغير...
 رَن الهاتف، لأَستقبل كلمات أثلجَت صَدري، نَعم، فقد كان صَوت عَذب يُخبرني أنها سَتقلني بسَيارتها، سَألته ليلة قُدومه مَن تَكون صَاحبة هذا الصوْت؟ أجابَني صَديقة أعَانتني وَقت شَدائد...
في صَباح اليوم المنْتظر، رَن الهاتف.. تُخبرني أن ألتقي بها في ذلك المكان...هَرعتُ إلى المكان، مَن شِدة توتري،...لا عَجب في ذلك، تلك هيَ، داخل سَيارتها الصغيرة تَنتظرني، تَبادلنا السلام بالكلام، رَكبت بِجانبها...فكانت شابة في عِقدها الثاني، شَعْرها الأشقر أضفى على بَياضِ وَجهها جمَالا أخاذا، كان لِباسها يُظهر الجزء السفلي من فخذها، ويُغطي مُعظم نَهديها، تلك اللحظة اِسْتغربت من وصْفه لَها، فهَذه أقل مِن أن تَكون صَديقة، لرُبما فَتاة هوى، صَديقة مَصلحة...كَلمات تَكاثرت في ذِهني... قَبل أن تُقاطعني بِصوتها... تُخبرني بأننا سَنذهب لمكتب يَهمها لقضَاء بَعض الأعمال المتَبقية، مَادام الوَقت مُبكرا على وصوله...
قادَت سَيارتها إلى المكان الموعود، فَتَحَت بَاب شُقة عَمَلها، ضَيفتْني بِبعْض القَهوة الساخِنة، بَينما دَخلت هي إلى أَحد تِلك المكاتِب، بَدأت أتأمل في الصُور المعلقة، مَر بَعض الوقت...خَرجتُ أسْتنشق بَعض الهواء العَليل، طال بي الوقوف أمَام سَيارتها الصغيرة...رَجعت إلى شُقتها لِلجُلوس... أَذنَ المؤذِن لِصَلاة الظهْر....
مَن هَذه الفَتاة ذو العَباءة السَوداء؟ لم أشاهِدْها بالجوار، قادِمة بإتجاهي...تَرصدني بعينيها، بَدأت أتلاعَبُ بعَيني يُمنة ويُسرة، سَألتني...مَاذا؟ ذلك الصوت؟ إنها هِي، تِلك التي كانت مَعي بلباس بِدائي، ماهَذا التغيير؟ لقد ازداد جَمالها، سترت ما بَقي من جسْمها، تَاركتًا وجههَا ويَديهَا مَكْشوفَتين...
-          هَل أنْتَ عَلى وُضوء؟ لِنُصلي مَعًا؟
صَدمة تَلقيتها لِسماعي سُؤالها... أجَبتها وَوجْهي غَلَبَت عَليه الحُمرة وَالإبتِسامَة عَلى شَفتي :
-          عَفوا فأنا لا أُصلي.
حُروف حُفرت في ذاكرتي ، ترَكتْني حائرا...مَوْقِف خَدعَني بِمظهره فاسْتَسلمَت لَه أفْكاري السافِلة... فَشُكرا لهَا ...شُكرا لهَا...جَعَلَتني أسْتَفيق مِن وَهْمي...وَهْم لا طالم سَيْطر عَلي مُنذ طُفولتي...
 ويبقى للحديث بقية...

ربما لسنا بعرب مسلمين - الجزء الأول -



بسم الله الرحمن الرحيم

دائما مأواجهُ بعضَ المواقفِ في مُحيطنا أو في التلفاز تَترك لي اِنطباعا سِلبيا مُزعجا عَن كلمة " عَرَبي " فَأسأل نَفسي حِينَها، هَل حَقا نَحْنُ عَرَبْ؟  أم نَتَشَبهُ بالعَرب؟ ولماذا البَعض مِنا يَعتز بالغَرْب؟ بَينَما أَخَرُون غَير مُهتمون بِأصلهم؟ ومَالحَل لِهذهِ الظاهِرة؟
-          قَبْلَ الإِجابة عَن الأَسْئِلة السَابِقة وَضح لنا هذه الظاهرة التي أزعجتك في العَرب يَافيلسُوف ؟
-          أَتكلم هُنا عَن ظَاهرة " الوَعْي العَربي" المَفقودة عِند مُعظم الناسِ في مُجتمعاتنا...
هَذِه الكَلِمَات خَارجة مِن قَلب غَيور عَلى كَلمة " عَرب "، التي تَعَرضت لغَسْل كامِل لمحْتَواها، فَقَد كَانَت في العُصور السَابقة رَمزا مُقترنا بـ : الأَخْلاق، المَحبة، التَعَاون، الكَرم، القُوة، الذكاء، الشَجَاعة، العِزة، الصَبر، العَدالة...وَغَيرُها مِن الرموز التي كان يعتز بها أجدادنا.
 بينما في العصر الحالي عُكس ليُصبح مُصاحِبا لـ : التخَلف، الفَسَاد، الكَراهية، التَبعية، الطَبقية، الإسْتبداد، الجَهل، الجُبن...وغَيرها.
فَهل هَذا حَقا مَا نَحْن عَليه؟ لاَعجب في ذَلك فَقد أَصبحنا نُشاهد في الشارع العام بَعض الأشخاص مِن مُختلف الأعمار والأجناس يَتقيدون بِتصرفات غَير لاَئقة، فَهذا يَسْرق المسجد، والبعض يُؤذي الناس بِملابسه المتسخة وَرائحة عَرقه الكريهة، والبَعض الآخر يضُر الناس بِرمي القُمامة في الشارع وَوسائل المواصلات، وَهَذه تتَكلم بصوت عالي مع صديقاتها مزعجة بذلك مَن يُحيطون بها، وذلك يَشتم ويسُب أَمام الناس، وهذا يُعتدى عَليه أَمام الجُموع وَلا أَحد يُحرك ساكنا فالكل يَخاف على نفسه، وهَؤلاء لا يَحترمون أَضواء تَنظيم الطريق، وأخَرون يَستهزؤون بِأناس مِن ذَوي الإحتياجات الخاصة، وأولئك يتحرشون بالفَتيات سواء كانت بِحجاب أو بدونه، صغيرة كانت أم كبيرة في السن،  وهذا الصحيح لا يَعطي مكانه للضعيف في الحافلة، وذلك يَتبول في جنبات الطريق، وذُكورًا تَشبهوا بالنساء والعكس، وذلك لا يتم عمله بدعوى الوقت الضيق.
فأين نَحن مِن العُروبة، في الشارع العام، عندما كان المسلمون يَتركون مَتاجرهم مَفتوحة ليُصلوا الصلاة في وقتها، وكانت النظافة عَمود حَياتهم، فكانوا طاهِرين من حَيث نظافة الجِسم، والثوب، والمكان.. فالنظافة سُلوك يُلازم المسلم في حَياته.. في البيت، والعمل، والشارع، والمواصلات، وفي كل مكان يذهب إليه، تُرى هل أولئك المتحدثون بصوت عالي لا يدْرون أن الصوْت المرتفع تحت طائلة المنكر، أي أن صَوتهم كأصوات الحَمير، وأين نحن مِن الدين الذي يَحُثنا على التأدب مع الغير واحترامه مهما كان سِنه من جِنسه، وأينَنا مِن الشجاعة التي كان يَتسم بها المسلمون حيث اذا تم الاعتداء على واحد منهم دافعوا عنه كرجل واحد ، يا تُرى أين نَحن من سنة سَيدنا مُحمد عليه الصلاة والسلام التي تُعطي حَق الرعاية الكاملة لِذوي الإحتياجاتِ الخاصة، والعَمل على قَضاء حوائجهم، أين هم أبْناء الإسلام الذين مِن تواضُعهم لم يرفعوا عَينهم في الجِنس الاخر، أَيْن نَحن من العروبة التي أخذَت معها أجْمل كلمات الإحترام كأخي،أختي،عَمي،خَالتي،جَدي،جَدتي، تُقال لِكل مَن كبرنا سِنا حَيث كان للمُجتمع مَكانة في العائلة، فَبُدلَتْ بسَيد وسَيدة وعَجوز ورَجل ومَراَة، أيْننا مِن الإسْلام حيث الشخص كان اذا أحس بغائط أو بَول خارج بَيته إختفى بعيدا وَسط الحَشائش والشجَر حَتى لا تُكشف عورته للناس، وأيْن نحن من الرجُل العَربي الأصيل الذي شُبه بالقُوة والرَحمة والمحَبة والعِزة والخِصال الحميدة، مِن الذي الاَن يَتَشبه بالممَثلين والمغَنين والراقِصين بإسم الفَن فأصْبح مخنثا أو شاذا، ومَن يَتبرأ من عَمله بدعوى الوقت وينسى أن العمل عبادة. فهل نستحق حقا نحن  مصطلح " عرب مسلمين " أم أننا نتفوه بخرافات العصر القديم ، فعذرا ايها الأجداد العظماء، يامن رفعتم راية العروبة والإسلام، فنحن بعيدون كل البعد عن هويتنا الأصيلة.
وللحديث بقية...

عام هجري جديد...1434


بسم الله الرحمن الرحيم
 كل عام وأنتم بألف خير
تقبل الله منا ومنكم صالح الطاعات
وجعله عام خير وبركة على المسلمين كافة
ونصر دين الإسلام وأعز جنده...وأقام شرعه
اللهم أهله علينا باليمن والإيمان والسلامة والإسلام
يارب العالمين